معاً لمحاربة الفكر الوهابي التكفيري


علي الاركوازي
الوهابية دعوة سلفية ظهرت في شبه الجزيرة العربية في اواخر القرن الثاني عشر   الهجري على يد محمد بن عبد الوهاب , و حققت انتشارا واسعا بعد ان تبناها عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المعروف ( بابن سعود ) كمذهب لحركته التي سيطرت على نجد والحجاز وشكلت ما سمي بعد ذلك بالمملكة العربية السعودية واعتمدت كمذهب رسمي فيها.
يعتقد الوهابيه انهم هم الموحدون فقط , وهم المسلمون وانسائر المسلمين مشركون لا حرمه لدمائهم واموالهم ، ويعتقدون ايضا ان المسلم لا تنفعه شهاده (لا اله الااللّه محمد رسول اللّه) ما دام يعتقد بالتبرك بمسجد او قبر الرسول ( ص ) او يزور قبور الائمة والاولياء ويطلب الشفاعه منهم , ويقولون ان المسلم الذى يعتقد بهذه الامور مشركوشركه اشد من شرك عبدة الاوثان , ومن اليهود والنصارى !.
بعد اكتشاف النفط في الجزيرة العربية في بدايات القرن الماضي تحولت  السعودية من بلد صحراوي قليل الموارد الى واحدة من اغنى الدول في  المنطقة , و اصبح لهذا الفكر ( الوهابي السلفي )  قوة ونفوذ في العالم  , وبدأوا بمحاربة كل من يختلف معهم ويرفض منهجهم , ولم يكتفوا بتطبيق فكرهم ونهجهم في المملكة فقط  بل اصبحوا يؤمنون بعالمية الفكر الوهابي السلفي , وبداوا بأرسال البعثات التكفيرية والارهابية الى كل بقاع العالم فأصبحت بذلك السعودية مصدرا لتفريخ الارهابيين والتكفيريين ولغاية يومنا هذا واكبر مصدر عالمي لتمويل تنظيم القاعدة والجماعات الاسلامية المتطرفة الاخرى حسب ما جاء في تقرير وكيل وزارة الخزانة الامريكي ستيوارت ليفي في جلسة استماع للجنة المالية لمجلسالشيوخ الامريكي يوم الثلاثاء الأول من ابريل 2008  . و منذ سنوات طويلة و السعودية تعلم ابنائها لغة التكفير و كراهيةالآخر , و تلقنهم ثقافة العنف والتطرف , و ان كل من يختلف مع التفسير الوهابي إما كافر او منحرف و يجب ان يتوب اويقتل .
 
للاسف لم يلتفت العالم الى خطر الوهابية والسلفية التكفيرية الا بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتفجير  برجي التجارة العالميين في نيويورك والتي كان اغلب منفذيها سعوديون و اعضاء في تنظيم القاعدة التي تتبنى افكار الوهابية السلفية التي تحولت الى سلفية جهادية بدأت مع حرب افغانستان على يد عبدالله عزام الذي كان يعتبر المفكر الذي تعلم منه اغلب من اتوا الى افغانستان في حربها مع الاتحاد السوفيتي للجهاد ليعرفوا فيما بعد  ب( الافغان العرب ) , فبدأت امريكا والدول الاوروبية بأتخاذ اجراءات صارمة للقضاء على تنظيم القاعدة  وعملوا جميعا على تجفيف منابع التمويل والتسليح , وقامت امريكا من اجل ذلك بحربين كبيرتين في افغانستان والعراق , واستطاعت تحرير افغانستان من همجية وبربرية الطالبان ( كانت السعودية اول دولة تعترف بأمارة طالبان الارهابية ) لكنها لم تنجح في القضاء على قادة تلك الحركة الارهابية .
استطاعت الوهابية  التغلغل الى مفاصل المجتمع العراقي وبشكل خاص في المناطق ذات الغالبية السنية في غرب العراق وفي بعض مناطق كوردستان وكانت بداية دخول الوهابية كفكر متطرف وبشكل واسع الى العراق مع بداية ما سمي بالحملة الايمانية التي قادها البعث في العراق بعد حرب الخليج الثانية .
 و بعد حرب تحرير العراق ظهر الى الوجود او بالاحرى اعلنت عن وجودها الكثير من التنظيمات الوهابية التي تتبنى الفكر السلفي الجهادي من امثال جماعة انصار الاسلام في كوردستان وانصار السنة وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وجماعة التوحيد والجهاد ثم تجمع اغلب تلك القوى في اطار ماسمي بمجلس شورى المجاهدين وتوجوا ارهابهم بتشكيل ما يسمى بدولة العراق الاسلامية .
ورأينا ما حصل في العراق بعد التاسع من ابريل عام 2003 من قتل عشوائي وذبح للابرياء وتفجيرات بسيارات مفخخة وشبان انتحاريون يذهبون الى الموت وهم يتصورون انهم سيعانقون الحور العين ويتناولون الافطار او الغداء او العشاء مع الرسول ( ص ) مع مباركة وفتاوى شرعية من علماء السعودية تزيد من عزمهم وتشرعن ارهابهم وتحفز الآخرين على سلك نفس النهج الذي سلكه الانتحاريون مما اوقع مئات الآلاف من الضحايا الابرياء من ابناء العراق  .
ولم يقتصر ارهاب الوهابية السلفية التكفيرية على العراق فقط بل ان خطرهم شمل دولا كثيرة مثل مصر والاردن والجزائر والمغرب  , وهناك دولا اخرى مرشحة لزيارة الارهاب السعودي كالامارات والكويت والبحرين وسوريا والاخطر انهم بدأوا بالانتشار في قلب اوروبا حيث اننا نرى ونسمع كل يوم عن اكتشاف واعتقال اشخاص يقومون بتجنيد الشباب الى الذهاب ( للجهاد ) في افغانستان والعراق ..
لقد بات لزاما على كل انسان يؤمن بالله , وبأن الانسان قد كرمه الله وجعل حرمته اعظم من حرمة الكعبة (قال الرسول صلى الله عليه وسلم بينما يطوف بالكعبة : " ما أطيبك وما أطيب ريحك ، ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه ، وأن نظن به إلا خيراً  "  حديث رواه ابن ماجة وحسنه الالباني ) , وحتى الذين لايؤمونون بأي دين لان الله  سبحانه وتعالى قد قال في محكم آياته  ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) البقرة  آية 256 , ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف آية 29 ,  ان يقوم بكل مايستطيع من اجل الوقوف بوجه الارهاب الوهابي السلفي التكفيري الذي خطره ليس على العراق وحده بل ان خطره يشمل العالم بأسره لذا علينا ان نرفع اصواتنا عاليا للمطالبة بما يلي :
 
اولا –  على السعودية ان تعترف بأن الوهابية فكر ارهابي وعليها محاربته وتغيير مناهجها الدراسية وتنقيتها من رواسب الارهاب الوهابي والتكفير السلفي .
 
ثانيا-  الطلب من البرلمان الاوروبي ومنظمة الامم المتحدة و الولايات المتحدة الامريكية العمل على حجب ومنع جميع المواقع الالكترونية على شبكة الانترنيت التابعة للتنظيمات الوهابية والسلفية وكل التنظيمات الارهابية الاخرى لانها تعمل على نشر ثقافة القتل وتسهل للعديد من العمليات الارهابية في العالم .
 
ثالثا –  منع بث كافة القنوات الفضائية والمحطات الاذاعية التي تدعم الفكر الوهابي السلفي وتروج له لانها تنشر الفكر التكفيري وتحرض على القتل .
 
رابعا –  ادارج علماء الذين يفتون بفتاوى القتل ويدعمون الارهاب الوهابي ويشرعنون عملياتهم الاجرامية في قوائم الارهاب والعمل على تقديمهم لمحاكمات عادلة بتهمة التحريض على القتل .
 
خامسا-  حث الحكومات والانظمة العربية والضغط عليها من قبل البرلمان الاوربي ومنظمة الامم المتحدة والدول الكبرى , على منع تداول او نشر او طبع الكتب والدراسات التي تروج للفكر الوهابي السلفي بعد ان امتلأت معارض الكتاب التي تقام في الدول العربية بتلك الكتب التي تحرض على القتل وتكفر المجتمعات العربية والاوروبية وتبرر قتل الانسان على انه جهاد في سبيل الله..
 
اتمنى ان يصل صوتي الى كل من يعتقد بانه مسؤول امام الله وامام الانسانية على مصير بلداننا ومصير العالم بأسره من شرذمة تسترت بالدين وتفسر احكامها على هواها ومتكلة على المال السعودي , وان نحارب معاً الفكر الوهابي التكفيري  ...
 
 

" أهداف العلويين الأحرار "

أهداف العلويين الأحرار:
• محاربة التطرف.
• التحرر من العصبية.
• الخروج من الانغلاق والتقوقع.
• بناء الثقة بين أبناء الطائفة "العلوية" وبقية المسلمين، وذلك عن طريق تصحيح الخطاب "العلوي" وتجديده، والالتزام التام بثوابت الدين الإسلامي وأصوله..
• التفاعل العميق، الصادق، والشفاف مع جميع أطياف المجتمع الإسلامي وأبنائه ومحاورة الأطراف كافةً حواراتٍ بنَّاءةً على قاعدة قبول الرأي الآخر والحرية غير المؤذية للغير والموضوعية والعِلمية..
• الالتفات إلى الماضي "لفتة" شفافية وتقدير، وتصحيح الأخطاء مع المحافظة على الهوية "التراثية"..
• ترسيخ أواصر الرحمة والتقارب بين جميع أبناء الدول الإسلامية وتجسيد الصورة الإسلامية "المثلى" التي دعا إليها الإسلام والقرآن. {كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(1) + وكذلك جعلناكم أمة وَسَطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكونَ الرسول عليكم شهيداً(2)}
• السعي الدؤوب نحو الاندماج التام والذوبان الكلي في المجتمع "الإسلامي"، الواحد.

(1) قرآن كريم، سورة آل عمران، الآية 110.
(2) قرآن كريم، سورة البقرة، الآية 143.

" مَن هم العلويون الأحرار "

العلويون الأحرار هم:
أبناء الطائفة العلوية الذين تحرروا من العصبية الفئوية والمذهبية، وساروا باتجاه الوحدة الإسلامية ونادوا بها، انطلاقاً من إعادة بناء الذات ثم الالتفات إلى الطائفة ومن ثم إلى خارج حدود الطائفة؛ بالعمل الصادق، والحب الخالص؛ بدأبٍ وثقة وأمل وتصميم وحكمة وتأنٍ ورويَّةٍ وتفهُّمٍ وسماحة ورِقة ووداعة..
نحو مجتمع إسلامي واحد يحفظ الدينَ وأهلَهُ، حِفْظ كيانٍ وهيئةٍ، جوهر وصورة، مع الإبقاء على رونق النسيج الإسلامي الفكري ــ البديع ــ المتنوع..

لا دين لهم إلا الإسلام الحنيف، إسلام محمد ــ ص ــ كما يراه جميع المسلمين.
يحبون أصحاب محمد، كما يقدرون آل بيت محمد.
يحبون علماء المسلمين، كما يحبون كل المسلمين.
ينظرون إلى المرجعية الدينية لكل أبناء المسلمين نظرة تقدير واحترام، ويلتزمون بالصادر عنها التزام أبناء الوطن الواحد بقانون الوطن الواحد.
يقرنون الأقوال بالأفعال، والنيات بالأعمال.
لا يقولون إلا ما يضمرون، ولا يعملون إلا بما يعتقدون.
يأملون من الغيرِ التقديرَ والمساعدةَ والدعمَ، ويحلمون بتحقيق "مشروعهم" في يوم قريب.
يتكلون على الله، ويكتفون به حسيباً وولياً ونصيراً ووكيلاً.
"دعواهم فيها سبحانك الله وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".(1)

" تعريف العلويين "

ثبت تاريخياً أن العلويين تعرَّضوا لأبشع حملات التشهير والقدح والذم على مر الزمان، كما تعرضوا لأسوأ وأشرس أنواع التنكيل والتعذيب والتشفِّي.. ومردّ ذلك إلى انتمائهم إلى المذهب الشيعي وذهابهم بذلك الانتماء إلى أبعد مدى في الخصوصية والتفرُّد!

 وبعيداً عن الأمور التاريخية، والتي تحتاج إلى بحث مستقل، نورد أهم تعريفين أطلقا على "العلوية النصيرية[1]"[2]، واللذين يمثلان ــ حقيقةً ــ حدّيّ النظرة إلى المسلمين العلويين من قِبل الآخرين، الأدنى والأعلى؛ ثم أُقدِّم تعريفاً مقارباً للحقيقة قدر الإمكان. والله الموفِّق، وهو من وراء القصد.
يُقال:
1 ــ النصيرية: فرقة من غلاة الشيعة، باطنيون، قالوا بألوهة الإمام علي بن أبي طالب، واستعملوا التأويل الشاذ لآيات القرآن الكريم للدلالة على أصول دينهم الباطنية كألوهة الإمام علي وحجابية الرسول محمد ــ ص ــ وبابية سلمان الفارسي، كما استعملوا ذاك النوع الشاذ من التأويل للدلالة على فروع دينهم كما في مسألة التقمُّص أو السماح بتأدية بعض العبادات والمناسك تأديةً غريبة عن صورة أداء تلك العبادات والمناسك المعروفة والمسنونة! كذلك اعتمدوا الأحاديث المقطوع بضعفها أو وضعها.
2 ــ النصيرية: فرقة من الشيعة الاثنا عشرية، دينهم الإسلام، وكتابهم القرآن، ونبيهم محمد ــ ص ــ، وأئمتهم علي والأئمة المعصومون من صلبه! لهم فهمهم الخاص لبعض القضايا الدينية الفكرية؛ وبعضهم يمارس عادات اجتماعية معينة قد يرتبط بعضها بأمور دينية[3]، وذلك لتأثُّرهم بالبيئة التي أحاطت بهم على مرّ الدهور ونتيجةً لوضعهم السيئ..
 
ويمكن لنا تعريف تلك الطائفة[4] بالقول:
هي:
زمرة من فرقة إسلامية انحدرت عن الشيعة الاثنا عشرية. اعتمدت على أكثر النصوص الشيعية خصوصية أو غرابة، فقالت بأمور قد يختلف معها ــ بالقول والفِعل ــ معظم المسلمين؛ لكنها تركت لنفسها هامشاً للمناورة أو خطَّاً للرجعة، فقسَّمت العلوم الدينية إلى قسمين. قسماً باطناً خاصاً، وقسماً ظاهراً عاماً.
القسم الباطن: هو رؤيتها لجوهر الحقائق الدينية من فكرة إثبات وجود الله الأحد الذي لا شريك له، مروراً بنبوة سيد العالمين محمد بن عبد الله، انتهاءً بالغاية من العبادات والشرائع. وقد ترتَّب على هذا الأمر إقامة منظومة من القواعد الدينية الفكرية تمثِّل أساس العِلم الباطن، ثم فسحة من الحريات في تأدية الفرائض الدينية، كالصوفية العرفانية!
القسم الظاهر: هو كل ما قالت به الشيعة الاثنا عشرية من أصول الدين وفروعه. حيث ليس لدى العلويين النصيريين مذهباً خاصاً بهم يعتمدونه في معاملاتهم وأحوالهم الشخصية سوى المذهب الاثنا عشري المعروف. (الجعفري)
 
وهذه التعاريف كلها لا تخص "العلوي" الصرف، والذي هو بالنسبة لتعداد أبناء الطائفة العلوية[5] اليوم جزء مهم وأساسي، ولكن ليس كلاً!
أما تعريف "العلوية" المحضة أو الخالصة، والتي إليها ينتسب العلويون الحقيقيون، فهي الثبات على نهج رسول الله ــ ص ــ كما صحَّ واشتهر عند جميع المسلمين، لا شيء سوى ذلك على الإطلاق. فقد كان الإمام عليّ بن أبي طالب خيرَ مَن ثبت على سنة الرسول ــ ص ــ ونهجه، ومثالَ مَن تأدَّب بآدابه وتخلَّق بخُلقه. وعليه، فالعلوية بمعناها العام هي استنان سنة رسول الله ــ ص ــ كما جسَّدها ربيبه وخليفته الراشدي علي بن أبي طالب، وبمعناها الخاص هي حُبّ عليّ وموالاته والسير على نهجه..
وللعلوية بُعدان، عِلمي فكري وعملي نهجي؛ فأما الفكري فهو الأخذ بالعلوم والمعارف الصادرة عن الإمام عليّ والأئمة من بنيه ــ ع ــ دون غيرها، والزهد بما سواها. وأما العملي فهو السير على خطى رسول الله ــ ص ــ وانتهاج نهجه وتطبيق أحكامه وفق المأخوذ عن أقرب الناس إليه وأحبهم إلى قلبه: ربيبه وصهره وابن عمه وخليفته..
وبمعنى آخر:
العلوية هي تطبيق "الإسلام" الحنيف الجامع السَّمِح القويم؛ فقط لا غير.
ذاك التطبيق هو نهج الإمام علي بن أبي طالب المماثل لنهج نظرائه من سادات الصحابة وأجلائها. فالإمام علي ــ رض ــ وإنْ تميَّز عن غيره من الصحابة بما خصَّه الله من مكانة ومنزلة وبما وهبه من مَلَكَاتٍ وبما أغنى به سِجِلَّه من بطولات وأمجاد فإنه يبقى أحد تابعي نبيه ومعلِّمه المخلصين؛ وما المؤمنون إلا أخوة وإنْ تفاوتوا بالقدر والمنزلة..!


الحواشي:
[1]نستعمل عبارة "العلوية النصيرية" بالمعنى المعروف والمشهور لاسم "النصيرية"، أي: خاص بمَن له مذهب عرفاني أو طريقة صوفية.. (تأويلات ومقالات خاصة)
وقد ابتكرنا ذاك التمييز، بين العلوية (الصرفة) والعلوية النصيرية، لرفع الظلم عن "اسم العلوية" وعن "المنتسبين إلى العلوية".
[2]التعريفان مستخلصان من كتب ودراسات ونقاشات.
[3] إشارة إلى الأعياد، وبعض القرابين..
[4] أعني: "العلوية النصيرية".
[5] بعمومها وكل أطيافها.

" علويو اليوم "

يختلف علويو اليوم عن علويي الأمس اختلافاً كبيراً، أو شبه كلياً! فغالبية علويي اليوم هم غير نصيريين[1] أبداً، وهذا يعني أن الاختلاف الفقهي وغيره بينهم وبين بقية إخوانهم المسلمين قد انحسر في جوهره انحساراً كبيراً.[2]

 ونستطيع صياغة هذه الحقيقة بأسلوب آخَر أو قولٍ آخَر، كأن نقول:
قد لا تختلف كثيراً زُمَرُ علويي اليوم وأصنافهم عن زُمَرِ علويي الأمس وأصنافهم، ولكن الفرْق الحقيقي يكمن في نِسَبِ الأعداد لكل زمرة وصنف ونوع!
أما بالنسبة للملتزمين من أبناء الطائفة العلوية بالطريقة الصوفية أو ما يسمى بالمذهب العرفاني، "النصيريين"، فهم قلة، ولكنهم مؤثِّرون وفاعلون في الساحة العلوية على قلّتهم! وهم يُشابهون إلى حدّ ما سائرَ نظرائهم من بقية الطوائف الإسلامية ومذاهبها ممن يُحسَب على زمرة المتصوفين أو العرفانيين!..
وما تجدر الإشارة إليه هو تنامي الشعور بالقرب من أهل السنة والجماعة عند كثير من أبناء الطائفة العلوية، وازدياد الرغبة في التقرّب منهم؛ والحقيقة، أنهم  ــ بشعورهم ذاك ورغبتهم تلك ــ لم يتخلوا عن انتمائهم الأصيل للشيعة الأم، من خلال اقتفائهم الصادق لنهج الإمام علي بن أبي طالب ــ رض ــ، الخليفة الرابع وأحد أهم صحابة محمد ــ ص ــ بالنسبة لعموم المسلمين، ومن خلال محبتهم لآل بيت النبي الكريم ــ ص ــ وموالاتهم لهم وأخذهم عنهم..


الحواشي:
[1]نستعمل عبارة "العلوية النصيرية" بالمعنى المعروف والمشهور لاسم "النصيرية"، أي: خاص بمَن له مذهب عرفاني أو طريقة صوفية.. (تأويلات ومقالات خاصة)
وقد ابتكرنا ذاك التمييز، بين العلوية (الصرفة) والعلوية النصيرية، لرفع الظلم عن "اسم العلوية" وعن "المنتسبين إلى العلوية".
[2]انظر قول المرحوم الشيخ عبد الرحمن الخير نزيل دمشق من جبال اللاذقية القرداحة، الذي كان بحق شيخ العلوية في عصره، عن أبي شعيب محمد بن نصير ومادحيه ومريده في تقريظه لكتاب تاريخ العلويين ونقده:
{وبما أن مؤلف "تاريخ العلويين" يورد في هذا البحث أسماءَ أشخاصٍ أعلن الأئمةُ المعصومون ــ رضوان الله عليهم ــ تخطئتهم، وأجمع علماء الشيعة على رفض آرائهم في الغلوّ، فلا مجال له ولا لغيره في القول بمدحهم. وأكتفي بالقول أن هذا البحث هو من خيال المؤلف وسماعياته التي لا تُعتَبر في التقييم التاريخي. وأضيف ما لمَّحتُ إليه سابقاً أن طرق التصوُّف هي أساليبٌ للذكْرِ يطلع عليها بعضُ الناسِ دون بعضٍ، وقد يوجد أستاذٌ يأخذ بطريقةٍ ما من طرق التصوف ويرفضها تلميذه، أو أنه لم يطلع عليها، كما قد يوجد ابن يأخذ برأي متصوف في حين أن أباه وأخاه، وهما في مرتبته العلمية، يسفِّهان ذلك الرأي أو يرفضانه، أو لم يطلعا عليه. وهذا عام عند جميع السالكين في طرق التصوف المتعددة، حتى أن أبناء الطريقة الواحدة يختلفون فيما بينهم حول تفسيرٍ أو رأي أو أسلوب، فتنشق الطريقة إلى شعب متعددة. وبرغم كل هذا فإن السالكين في أية طريقة صوفية هم قلة بالنسبة إلى مَن لا يهتمون بالطرق من جميع فئات المسلمين على اختلاف مذاهبهم.}

" علويو الأمس "

إذا صح أن العلويين ــ بعمومهم ــ هم طائفة من الشيعة الاثنا عشرية فهذا لا يعني أن جميع أسلافهم كانوا من أصل شيعي! فالثابت في المصادر التاريخية أنَّ من أتباع شيخ "الطائفة العلوية النصيرية[1]" ــ الخصيبي[2] ــ مَن كان مسلماً سنياً، أو مَن كان من خارج الإسلام فأسلم وتشيع ثم أخذ طريقة الخصيبي الشيخ[3]!

ولعل هذا الأمر ساهم بشكل كبير في رسم صورة المذهب الخصيبي[4] ــ إذا جاز التعبير ــ، أو صورة الفرد النصيري "الخصيبيّ".
ونبدأ فصلنا هذا بتسليط الضوء على أنواع وطبقات الجيل الأول من الخصيبيين، ثم استعراض ثلة من أهم رجالات ذاك المذهب من الذين كان لهم أثر واضح في الدين والمجتمع، ومن ثم الخصيبي العادي أو الفرد العادي من أبناء تلك الطائفة.
 
الخصيبيون الأوائل:
ونقسمهم إلى ثلاثة زمر:
زمرة أولى أساسية أخذت على عاتقها القيام بالعبء الديني الصرف كأبي علي محمد ابن علي الجلي[5] تلميذ الشيخ الخصيبي.
وزمرة ثانية أقل أهمية من الأولى، وهي التي اشتهرت على الصعيد السياسي أو الفكري كالحاكم عضد الدولة البويهي واللغوي الشهير عثمان بن جني[6].
وزمرة ثالثة تمثل السواد الأعظم من الخصيبيين مثل العراقي: زريق الخواص، وكان من الصالحين، منقطعاً بمنزله بالجانب الغربي من بغداد[7].. وأمثاله من الخلف..
 
أعلام ممن تنسبهم الناس إلى "العلوية النصيرية":
* أبو سعيد ميمون بن عبد القاسم الطبراني:
نسبته إلى طبرية البلدة المشهورة في فلسطين على شاطئ البحيرة. كان عالماً متكلِّماً، فيلسوفاً، زاهداً في الدنيا، دأبه العلم والمعارف، وله جهاد كبير وفضل عظيم في أيامه.. له من التآليف أكثر من عشرين كتاباً، منها: البحث والدلالة عن مشكل الرسالة، ورسالة راحة الأرواح..[8]
* أبو الفتح البغدادي:
اسمه محمد بن الحسن بن مقاتل البغدادي، القاضي المعروف بالقطيعين وكنيته أبو الفتح، وهو من موضع ببغداد يقال له الكرخ، ويعرف بقطيعة الربيع. كان تلميذاً للمقرّي الذي كان تلميذاً للرفاعي الذي كان بدوره تلميذاً للخصيبي. له مصنفات شتى منها "الرسالة المصرية"، وقد سميت بهذا الاسم لأنه ألفها أثناء إقامته في مصر، رواها عنه تلميذه عصمة الدولة وأضاف إليها أشياء لاءمتها وسماها: "منهج العلم والبيان"[9].
* المنتجب العاني (330هـ - 400هـ):
هو أبو الفضل محمد بن الحسن، المنتجب العاني الخديجي المضري. أما لقبه المنتجب فقد كرر ذكره، ولعله كان أجمل ما يحبُّ أن يدعى به؛ والكلمة اسم مفعول من الفعل "انتجب" أي: اصطفاه واختاره. وأما نسبة العاني إلى البلدة التي ولد فيها وهي "عانة"، بلدة بين هيت والرقة يطوف بها خليج من الفرات، وهي قضاء في العراق ــ لواء الديلم، له ناحيتان الحديثة والقائم.
شاعر عباسي من متصوفي القرن الرابع الهجري، لفنه طوابع ذلك العصر، ولتفكيره مميزاته..[10]
* المكزون السنجاري:
ولد "الأمير" حسن بن يوسف الملقَّب بـ: "المكزون" عام 590هـ في سنجار ــ الشام، وكان والده أميراً فيها، وقد نشأ نشأة علويةً مع ميل إلى التصوف، وتثقف ثقافة عربية إسلامية، وتبحّر في الفلسفة، ونبغ في نظم الشعر في بداية القرن السابع، وقام بتأليف رسالة فلسفية عام 620هـ.
يحتل الشاعر الفيلسوف الأمير حسن المكزون مكانة كبيرة عند العلويين، وبعض الأُسر العلوية لا تزال تنسب له متصلةً بنسبه حتى اليوم ومنها أسرة الشيخ سليمان الأحمد والد الشاعر بدوي الجبل الذي شرح ديوان المكزون شرحاً وافياً قرّبه إلى الأفهام.
كان (المكزون) ورعاً، زاهداً، صوفياً من الفانين في الله..[11] توفي عام: 638هـ.[12]
* حاتم الجديلي:
كنيته إلى "المجدل" وهو تابع لدير شميل من مناطق حماة، وهي الآن بناء قديم وفيه آثار قديمة وآباره محفورة منقورة في الصخور، استوطنها الشيخ حاتم بحدود سنة 577هـ، وبها تكنَّى. وله كتاب "التجريد"، وفيه يرد على مذهب الحلولين الذين يرون أن الله موجود في الحجر والشجر والمدر والبشر وفي كل شيء، دون أن يعنوا قدرته[13].
* يوسف بن العجوز (الرداد الحلبي: 1202هـ - 1264هـ):
كان عالماً نحريراً، فيلسوفاً خبيراً، صاحب فلسفة وعلوم شتى، له مقامات في عدة أماكن أهمها مقامه في بيت حمد قرب الدريكيش.
لـخَّص رأيه بقوله (في رسالة له): إن المعنى القديم[14] العلي العظيم، أحد صمد، فرد جوهر قائم بذاته بالعلم والقدرة، والفِعل المعجز الذي لا يأتي أحد من المخلوقين بمثله.[15]
الفرد العلوي النصيري:[16]
يتميَّز "الطرح النصيري" لحقيقة الدين الإسلامي بالتركيز على الغايات الكبرى والقصوى لجميع ما شرع الله من عقائد وعبادات ومعاملات.. ويقوم (ذاك الطرح) على أساس المنطق العام والشامل، من منطلق العدل التام والحكمة التامة..
ولا يجد معظم "العلويين النصيريين" حرجاً من الأخذ بآراء الفلاسفة والحكماء أياً كانوا، معتمدين على حديثٍ شريف نصه: "الحِكمةُ ضالة المؤمن"[17]. فهم يؤتون الحكمة أنَّى كانت.
إذاً، هناك نظرة خاصة "للعلويين النصيريين" حول حقائق الدين الإسلامي وجواهره، من مختلف جوانبه النظرية والعملية، وبناءً على هذه النظرة يتصرَّف الفرد النصيري في حياته الدينية والدنيوية.
فما من أحد من أبناء الفرقة المسمَّاة "العلوية النصيرية" يستخفُّ بالصلاة أو له رأي يخالف الجمهور حول حرمة التهاون في أدائها، ولكن لربما قصَّر "العلوي النصيري" في أداء بعض الصلوات معتمداً على فكرته حول رضا الله وحقيقة تكليفه بالأمور الشرعية! فرأيه أن الله يعلم ما في القلوب؛ وأن مَن وهب نفسه لله، مطمئناً قلبه بالإيمان، لا يمكن أن يحاسبه الله بنفس الطريقة التي يحاسب بها سائر العباد! فضلاً عن وجود قناعة شبه مطلقة عند معظم "العلويين النصيريين" بأن شكل الصلاة وطقوس أدائها ليس هو معيار قبول الله لها ولا يُعبر ضرورةً عن جوهرها الحقيقي!
إذاً، سمة "العلوي النصيري" الأساسية هي الجوهرية في النظرة الدينية والحرية التفصيلية في أداء الواجبات الدينية، وإرجاع كل شيء إلى أصله أو ربطه بالغاية التي من أجلها أُشرع.
وننصف "العلويين النصيريين" ونصيب كبد الحقيقة إذا قلنا أن علويي الأمس كعلويي اليوم ــ تقريباً ــ منقسمون إلى زُمَرٍ وفئات! فمن "العلويين النصيريين" مَن يقلِّد فقيهه "الصوفي" أو "العرفاني" دون عِلم ولا دراية ولا اعتقاد صريح بحقيقة ما يقوم به، وهؤلاء ــ بكل إنصاف ــ هم جمهور تلك الفئة من العلوية المسماة "الضالة" أو "الغالية".[18]
إذاً، هناك فرقة من العلويين تقول بأمور دينية، أساسية وفرعية، تتفرد بها عن سائر مذاهب الدين الإسلامي، وتسمى تلك الفرقة عند جمهور العلماء من السنة والشيعة بـ: الغلاة. ولعل هذه الفرقة التي تمثل اليوم جزءاً غير أساسي من أصل تركيبة الطائفة العلوية كانت يوماً ما تشكل جزءاً مهماً من تعداد أبناء تلك الطائفة.
بقي أنْ نذكر أنه ليس للفرقة العلوية النصيرية مراجع دينية تخص ظاهر العبادات، وأسس المعاملات، وأصل الحلال والحرام، والفقه، وما شاكل ذلك، سوى مراجع الشيعة الاثنا عشرية التي تستمد منها سائر أمورها الشرعية العامة. ولذلك نلاحظ، وعلى مرّ الزمان، وجود متشيعين حقيقيين بين أبنائها، بمعنى: هناك من أبناء الطائفة ــ قديماً وحديثاً ــ مَن يكتفي بما تقدِّمه الشيعة من أركان للدين الإسلامي وأصول وفروع.. 

الحواشي:

[1]نستعمل عبارة "العلوية النصيرية" بالمعنى المعروف والمشهور لاسم "النصيرية"، أي: خاص بمَن له مذهب عرفاني أو طريقة صوفية.. (تأويلات ومقالات خاصة)
وقد ابتكرنا ذاك التمييز، بين العلوية (الصرفة) والعلوية النصيرية، لرفع الظلم عن "اسم العلوية" وعن "المنتسبين إلى العلوية".
[2] نتحدث عن شخصية الخصيبي حسب تقديم المؤرخين لها، من العامة والخاصة، لا حسب قناعتنا "الشخصية" بها! فرأينا الشخصي، وقناعتنا الشخصية، تتطابق تماماً مع رأي وقناعة العلامة المجتهد السيد محسن الأمين من براءة الخصيبي من كل ما نُسب إليه مما يخالف مذهب أهل البيت ــ ع ــ المعروف، كائناً مَن كان الناسب ذلك. (راجع مقال: ضوء على شخصية الشيخ الخصيبي)
[3]هناك من التلاميذ مَن كان إسرائيلياً كـ: هارون القطان الذي أسلم على يد محمد بن علي الجلي وحفظ القرآن على يد يونس البديعي. وذمياً مثل: إينال المتطبب من أهل الشام. [خير الصنيعة، الشيخ حسين حرفوش، مخطوط، ج1]
[4]ما قلناه عن استعمالنا كلمة "النصيرية" على المعنى الشائع لها لا على حقيقة ما نعتقده من معناها يصلح تماماً للقول به في استعمالنا لكلمة "الخصيبية"، أو عبارة المذهب الخصيبي..! فقد أُطلقت التسمية على الفرقة القائلة بمقالات صوفية عرفانية خاصة قد يختلف معها معظم المسلمين (راجع صفحة تعريف العلويين).
[5]أبو الحسن، ولد عام 330 هـ، عالم، فقيه، حج قبل أن يبلغ الحلم مرتين، وحج مرة ثالثة وهو في الثالثة والعشرين، مؤلف قدير، شاعر ولم يصل من شعره إلا القليل. اختاره الخصيبي ليكون خليفة له في رئاسة الدعوة. بث الدعاة وأشرف على شؤون العلويين. توفي عام 399هـ. [الإمام علي والعلويون، دراسة وتاريخ وتراجم، علي محمد الموسى، دار الفتاة، ط1، ص102] (انظر للاستزادة: منابع العرفان عند الشيعة الخصيبية ـ ملامح ورجال، حسن يونس حسن، مطبعة آل الرسول ـ بيروت، ط1، ص233 وما بعدها)
[6]الإمام علي والعلويون، ص108+110. مع تحفظي على صحة النسبة إلى "المذهب الخصيبي"! فقد يكون المذكوران علويين من حيث الانتماء للنهج العلوي القويم المتمثل بسيرة الخليفة علي بن أبي طالب ـ رضوان الله تعالى عليه ـ الحريص على السنة النبوية الشريفة والهوية الإسلامية الصرفة. ومن الممكن أن يكون عضد الدولة وابن جني قد سمعا من الشيخ الخصيبي، أو استحسنا سيرة الخصيبي العامة من صدق وأمانة واستقامة في الدين والدنيا بما لا يخالف الجمهور، أما مسألة اقتفائهما للطريقة النصيرية الخاصة بمعناها المعروف اليوم فمسألة فيها نظر!
[7]خير الصنيعة، الشيخ حسين حرفوش ـ المقرمدة. ج1. مخطوط خاص.
[8]أعلام من المذهب الجعفري العلوي، ديب علي حسن، دار الساحل للتراث، ط2، ج1، ص20-21.
[9]أعلام من المذهب الجعفري العلوي، ديب علي حسن، ج1، ص19.
[10]أعلام من المذهب الجعفري العلوي، ج1، ص86-87.
[11]الإمام علي والعلويون، ص145-146.
[12]أعلام من المذهب الجعفري العلوي، ج1، 86.
[13]أعلام من المذهب الجعفري العلوي، ج1، ص40-41.
[14]تجدر الإشارة إلى أن ليس كل العلويين مَن يقول بمعاني ومداليل تلك الكلمات والمصطلحات وإنما الفرقة الصوفية منهم. وسنتحدث عن ذلك في محله ـ إنْ شاء الله ـ.
[15]أعلام من المذهب الجعفري العلوي، ج2، ص13-14.
[16] [تنبيه]: أود الإشارة إلى أنني لا أزيِّن واقعاً ما ببحثي هذا، ولا بأيّ بحث أقوم به، كما أنني لا أقبِّح ذاك الواقع فيما أورد وأقول، وكذلك لا أنقل صورة الواقع بشيء من السطحية والبساطة، وإنما بمسؤولية وعِلم ودراية على أساس الشمولية والإحاطة والتحقق..
[17] الحديث بأكمله هو: "الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها". سنن الترمذي، ح2757. [ج7، ص458] وسنن ابن ماجة، ح4259. [ج2، ص1395] {قال أبو عيسى (الترمذي): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم بن الفضل المدني المخزومي (أحد رواة الحديث) ضعيف في الحديث من قبل حفظه}
[18]يُلاحظ اشتهار تسمية العلويين بالغلاة، أو بالفرقة "الضالة"، والحقيقة أن أصحاب الفكر العرفاني أو الطريقة الصوفية هم شريحة من شرائح العلوية المتعددة!


" أصل العلويين "

هم عرب أقحاح بالاتفاق. أما عن موطنهم الأصلي فمختلف عليه! فبعض الكتَّاب والباحثين نسبهم إلى قبائل يمنية وحجازية شهيرة انتقلت إلى العراق فحلب، أو مصر فحلب أو فاللاذقية.. ثم انتشروا في المحافظات السورية لا سيما اللاذقية وحمص وحماة وطرطوس فيما بعد. بالإضافة إلى لواء اسكندرون السوري المنسلخ عن وطنه الأم. وهذا أصلٌ قد يروق للكثيرين منهم الانتساب إليه. ولا يمكن التحقق من صحته إذ لا توجد وثائق تاريخية يمكن الاعتماد عليها أو القطع بصحتها.

ولكن نستطيع الجزم بأن علويي اليوم هم أبناء هذه المناطق التي يعيشون فيها ــ وإنْ قيل أن بعضهم أتى من بلاد مختلفة ــ، وهم بلا أدنى شك عرب أقحاح. أما مسألة أصلهم السحيق فلا أظنها تختلف عن مسألة أصل أبناء أيّ منطقة من المناطق التي يعيشون فيها! ولذلك يمكن الاستغناء عن الخوض العميق في هذه الأمور توخياً للحذر، مع التأكيد بأنه لا مانع من دراسة ذاك الموضوع في كتاب مستقل. وعموماً، لن تكون النتيجة محسومة علمياً ولا منطقياً شأنها شأن قضية الأنساب العربية عامة.

" تسمية العلويين "


عُرفت تسمية "العلويين" في بادئ الأمر في العصور الأولى التي تلت عصر الخليفة الثالث عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه ــ، حيث أصبح يقال لأنصار عليّ بن أبي طالب "علويين"، ولأنصار بني أمية ومواليهم "عثمانيين". ثم أصبحت التسمية (العلويين) تخص ذرية علي، وأخيراً اسماً للطائفة النصيرية.
ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن الاشتهار الحديث لاسم "العلويين" كاسمٍ لطائفة تنتسب بالولاية لعليّ بن أبي طالب ــ رضوان الله تعالى عليه ــ لا بالبنوَّة هو رجوعٌ إلى الأصل. فقد نُسب أتباع الإمام علي إليه بالتسمية من حين لآخر؛ وإنَّ ما قيل حول حداثة هذا الاسم بالنسبة للطائفة النصيرية أو لمواليّ الإمام علي بشكل عام هو كلام يفتقر إلى الدقة[1].

قال الشيخ محمود صالح:
{ولأولئك الذين استجابوا لهواهم إذ دعاهم لإنكار وجود اسم "العلويين" في بطون الكتب لغير أبناء علي ــ ع ــ إلا بعد الانتداب الأجنبي وإحداثه هذا الاسم وإطلاقه على حَمَلَتِه المعروفين به اليوم. لأولئك نقول: رِفقاً بأنفسكم فلا ترهقوها من أمرها عسراً، بتحميلها وزر ما تحكمون به تبعاً لهواها، أو عن غير عِلم. فاسألوها إنْ كانت تجيبكم.
أين كان الأجنبي حين قال النبي ــ ص ــ في حديثٍ كما في كتاب "تفسير مرآة الأنوار"، ص84، نقلاً عن كتاب "كنز الفوائد" و"تفسير فرات بن إبراهيم"، عن ابن عباس وغيره:
"ألا إن شيعة علي يقولون يوم القيامة نحن العلويون فتقول لهم الملائكة فأنتم الآمنون ولا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون".[2]
بل أين كان الأجنبي حين قال الحافظ رجب البرسي في كتابه "مشارق أنوار اليقين"، ص203، ط1، دار الأندلس ــ بيروت:
"إذا تقرر هذا فنقول: افترقت الأمة بعد نبيها فرقتين، بكرية وعلوية".
ثم يستمر في بحثه مجملاً ومفصلاً إلى أن يقول في صفحة /210/ منه:
"وأما العلوية، ففرقها ثلاث، الزيدية، والغلاة، والإمامية الاثنا عشرية".
بل أين كان الأجنبي عندما قال صاحب كتاب "لقطة العجلان" إذ يذكر مصر وتعاقب الأحكام والمذاهب عليها كما في ص232 منه:
"قال يزيد بن أبي حبيب نشأت بمصر وهي علوية، فقلبتها عثمانية".
بل أين كان الأجنبي على لسان المجتهد الأكبر "السيد محسن الأمين" في القسم الأول من الجزء الأول من كتاب "أعيان الشيعة"، ص12، حيث يقول:
"ثم بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي بن أبي طالب وإظهاره الطلب بدم عثمان واستمالته عدداً عظيماً من المسلمين إلى ذلك صار أتباعه يعرفون بالعثمانية، وهم مَن يوالون عثمان ويبرأون من علي؛ أما مَن يوالونهما فلا يُطلق عليهم اسم العثمانية. وصار أتباع علي يعرفون بالعلوية مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم، واستمر ذلك مدة ملك بني أمية، وفي دولة بني العباس نسخ اسم العلوية والعثمانية وصار في المسلمين اسم الشيعة واسم السنة إلى يومنا هذا".
أم هل كان من وحي الأجنبي ما نطق به "الأميني" في كتابه "الغدير"، ج4، ص323، عند ذكر إسماعيل بن موسى الفزاري وتضعيف السيوطي لحديثه وبعد تقديم البينة وإقامة الحجة على صدقه ووثاقته إذ قال:
"نعم ذنبه الوحيد أنه شيعي، علوي المذهب".
أم هل كان من رشحات عوارف الأجنبي ما فاض على قلم الحجة السيد حسين الموسوي الحمَّامي النجفي في كلمته في موسوعة "الغدير" كما في ج9، إذ يقول:
"ونحن في الوقت الذي ندعو للمؤلف الأمين بالتأييد والتسديد نطلب من الله تعالى شأنه من فضله وعنايته بهذه الأمة الإسلامية المحمدية والفرقة الناجية العلوية أنْ يكثر فيها أمثاله من الأعلام وحملة العلم والأقلام".
وإلى هنا ونمسك عن متابعة تقصّي ما أُثر في هذا الصدد، حرصاً على الإيجاز الذي اعتمدناه، وليتسنَّى لنا التوجه إلى أولئك المتجانفين لإثم ابتزاز العلويين اسمهم، وادعاء تطول الأجنبي به عليهم فنقول: لا جدل أن علويي اليوم هم أحفاد أولئك العلويين القدامى الذي أخلصوا لله دينهم ولأمير المؤمنين الإمام علي ــ ع ــ ولاءهم..}[3]
أقول:
وقد تسمَّت الطائفة العلوية باسم "النصيرية" نسبة إلى السيد "أبي شعيب محمد بن نصير"[4] منذ القِدم وحتى قبيل الاستعمار الفرنسي، وكذلك تسمَّت أيضاً بأكثر من اسم على مرَّ الزمان، أهمها: "الشيعة الخصيبية"، نسبة إلى الشيخ "الحسين بن حمدان الخصيبي" المُلقَّب بـ: الشيخ القدوة!
والتسمية هنا، تسمية العلويين بالنصيريين[5]، لا تعني مطابقة "الاسم" للمسمَّى، أي: مطابقة الشكل للمضمون؛ فمن قدامى المسلمين العلويين، كما من محدَثيهم، مَن لا يقول بأي مقالات أو تأويلات خاصة.
أيْ هناك مَن كان نصيرياً بالاسم فقط، حيث أُطلق الاسم من قِبل الغير وأُلصق بمَن أراد وبمَن لم يُرد.
أخيراً، وليس آخِراً، أقول:
مرَّت شخصيات قيادية على الطائفة العلوية أثَّرت فيها بشكل عميق وظاهر مثل الفقيه: "أبو سعيد ميمون بن القاسم الطبراني".
وقد قلتُ "أثَّرتْ" وعنيتُ تأثيرها على الأكثرية لا على الجميع! ولكن لسطوة رجال "العلوية النصيرية[6]" وضعف حال "مَن ترك مقالتهم" كانت شهرة "النصيرية" تطغى على غيرها، وظُنَّ بأن كل أبناء تلك الطائفة انضوى تحت لواء واحد.


الحواشي:
[1]كثيراً ما يُشاع أن الاستعمار الفرنسي هو أول مَن أطلق هذا الاسم على النصيرية..
[2]أورد هذا الحديث نقلاً عن كتاب الشيخ محمود الصالح مع تحفظي عليه، وقد أوردته لمجرد تقديم الدليل على وجود اسم "العلويين" قبل الانتداب الأجنبي بمئات السنين.. ولا شيء سوى ذلك!
[3]النبأ اليقين عن العلويين، الشيخ محمود الصالح، قدم له الأستاذ محمد عنبر، دار المرساة، ط3، ص51 وما بعدها.
[4]هو: أبو شعيب، محمد بن نصير بن بكر العبدي النميري التميمي البصري. [منابع العرفان عند الشيعة الخصيبية، حسن يونس حسن، مطبعة آل البيت ـ بيروت، ط1، ص98]
[5]استعملنا كلمة "النصيرية"، ونستعملها، بالمعنى الذي تُعرف به لا بحسب اعتقادنا لمعناها! فقد أُطلقت التسمية على الفرقة القائلة بمقالات صوفية عرفانية خاصة قد يختلف معها معظم المسلمين (راجع صفحة تعريف العلويين)، أما رأينا بها فهو أنها تسمية غير دقيقة البتة!
فإنْ كانت من جهة الانتساب إلى السيد أبي شعيب محمد بن نصير، فحولها خلاف وحوله خلاف!
فبعض المسلمين العلويين يرون بأن اسم النصيرية مأخوذة من النصرة، وبالتالي فالمقصود بالنصيرية هم ذرية مَن ناصروا الإمام علي في حروبه، وأما الخلاف حول شخصية السيد أبي شعيب فهو خلاف داخلي خارجي! إذ يعتبر المنصفون من المحدِّثين والمؤرخين السيد أبا شعيب شخصيةً محبة لآل البيت، وموالية، من دون غلو أو ابتداع، وهو انعكاس لمعتقد جُل المنتمين إلى ناديه، بينما هناك جم غفير من المحدِّثين والكُتَّاب والمؤرخين يرون في السيد أبي شعيب شخصية مغالية مبتدعة، ويدعم رؤيتهم ــ تلك ــ مواقفُ وآراء وأقوال بعض المنتسبين إلى السيد أبي شعيب.. (راجع مقال: ضوء على شخصية السيد أبي شعيب محمد بن نصير)
[6]نستعمل عبارة "العلوية النصيرية" بالمعنى المعروف والمشهور لاسم "النصيرية"، أي: خاص بمَن له مذهب عرفاني أو طريقة صوفية.. (تأويلات ومقالات خاصة)
وقد ابتكرنا ذاك التمييز، بين العلوية (الصرفة) والعلوية النصيرية، لرفع الظلم عن "اسم العلوية" وعن "المنتسبين إلى العلوية".


هل يبكي القلم ؟؟!!

في ظل هذه الأزمات التي تمر بالمسلمين، والمآسي والجراح التي يمر بها المسلمون في فلسطين والعراق وغيرها من بلاد الإسلام ، في ظل كل ذلك يبكي القلم ! نعم يبكي القلم !!

يبكي؛ لأنه اليوم يُمسك بأيادي حرّفت الحقائق ونشرت الأكاذيب وحرّفت الشرع وطعنت بالصادقين من أبناء أمة الإسلام!

نعم يبكي لأن المحرِّف مع الأسف هم أناس من جلدتنا ويتكلمون كلامنا، وبعضهم صعدَ وسارَ في ركب العلماء وادعى العلم!

نعم يبكي لأن الحق أصبح باطلاً والباطل أصبح حقا!

نعم يبكي ؛ لأن ممن يدعي العلم بدأ يكتب أشياء ماذا أقول عنها !
يبكي لأن الصحف بدأت تتباهى بمقالات لمن ادعى العلم تشتم المجاهدين وتصفهم بالعصابات وقطاع الطرق والإرهابيين وصحف أخرى بدأت تتباهى بالإساءة لخير الأنبياء وخاتمها عليه الصلاة والسلام...

يبكي عندما ضحك النصارى واليهود على حال المسلمين حيث المدن تُباد ولا مسلم يتكلم، ضحك الأعداء كثيرا على ذلك الصمت الرهيب من علماء الأمة على ما يحدث من تدمير للمسلمين في العراق وفلسطين، نعم لماذا لا يبكي القلم وقد حرفت الحقائق ووصف المجاهدون في العراق وفلسطين بالإرهابيين والمكفرين !!

يبكي القلم ؛ لأن الأيادي التي تمسكه وتكتب به الحق باتت قليلة !!

ولماذا لا يبكي القلم وقد عدم ممن يكتب به البطولات الإسلامية اليوم في العراق وفلسطين!!

يبكي لأن كلام أهل الباطل ينشر وكلام أهل الحق يُكبَت!

ولماذا لا يبكي القلم وقد شاهدنا بأم أعيننا في العراق وفلسطين بطولات يعجز القلم عن كتابتها!!

يبكي القلم؛ لأن المجاهدين صاحوا: كفّوا عنا يا مسلمون فقد آذيتمونا يا مسلمون هلا جئتم إلى العراق وفلسطين وغيرهما ورأيتم ما يسرّكم حتى وإن بكى القلم ..رجل استشهد ابنه مع المجاهدين يقف على قبره أمام الناس ويقول : لا تحزنوا يا مسلمون فإن ابني نال الشرف!!

ورجل يُهدم بيته بنيران الكفار ويقول : يا أخوة ..هدم بيتي في سبيل الله..
وعجوز تسمع كلام عالِم..( حرّم الجهاد!! ) فتقول له : رغم انفك ابني الشهيد إن شاء الله في الجنة ..و امرأة شابة تقف على جثة زوجها المجاهد وتقول : اسأل الله لك الجنة وابنك أن شاء الله سيلحق بك !!

ماذا............ نكتب بك يا قلم وحق لك أن تبكي فقد كبر الألم..أنكتب بطولات المجاهدين أم صبر الصابرين ..فلا تبكي يا قــلــم ،،،، فقد سطرت بك أيادي السابقين سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام..

لا تبكي فقد سطرت بك أيادي علماء الحق بطولات الصحابة وجهادهم..

لا تبكي وقد سطَّر بك الكتاب الأولون بطولات الحسين بن علي عليهما سلام الله
لقد سطروا بك البطولات فلا تبكي وقد قال رب العزة في كتابه( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32) .

اللهم انصر عبادك وأعلي كلمتك
اللهم عليك بالصليبيين الحاقدين ومن حالفهم ، اللهم اخذلهم
اللهم طهر أرض الإسلام من دنس اليهود والصليبيين المعتدين
وصلى الله تعالى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

متى يتوقف هؤلاء المهابيل والمساطيل عن الإفتاء؟


هناك الكثير ممن أصبحوا ينصبون أنفسهم وعاظ وداعاه ومحرضين ومرشدين ومبشرين، وحتى الإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة والقول بأن فلان مسلم أو كافر وغير ذلك، وتجد أن هناك العديد من القنوات الفضائية، تتلقف مثل هؤلاء الدعاة والوعاظ لخدمة أهداف معينة،وتغدق الأموال عليهم، وفتاويهم لا تخرج عن إطار "التهابيل والشعوذه "، ناهيك عن أن العديد من هؤلاء يفتي ويشرع ،يحلل ويحرم في إطار الموالاة والمحاباة لهذا الزعيم أو هذا القائد، دعماً لهذه الفئة أو الجماعة، ضد فئة أو جماعة أخرى، وهناك من يصدر فتواه طعماً في مركز وجاه ومال، وفي ظل مجتمعات، تنتشر فيها الغيبية والسلفية والجبرية والقدرية، وتتعمق قيها الأزمات الاجتماعية، وينتشر فيها التخلف على نطاق واسع "كانتشار النار في الهشيم"، ويمنع ويعطل فيها الاجتهاد، أو قول ما لا يتفق ووجهة نظر المراجع الدينية الرسمية، والتي هي أضحت جزء من بنية وتركيبة النظام القائم، وفي الكثير من الأحيان، تنتشر مثل هذه الفتاوى" فتاوى الشعوذة "والتهابيل والتساطيل" في مراحل الهزيمة والانكسار والتراجع، كما تترافق تلك الفتاوى مع فتاوى التكفير والتخوين في مراحل الحروب والخلافات والنزاعات والصراعات، أما فتاوى الجوع والنهم الجنسي والحديث الدائم والمبتذل عن مفاتن النساء، وبلغة تخرج عن كل ما له علاقة بالأخلاق والحياء والدين ومنظومة القيم والقوانين المعمول بها في المجتمع ،فهي تنتشر في المجتمعات التي تعاني من أزمات اجتماعية عميقة، حيث يتنشر الكبت والحرمان والجوع الجنسي والجبرية والسلفية وغيرها، وان بدا على السطح وفي الظاهر أن طبيعة المجتمع إسلامية، وفي هذا السياق، فقد أشارت الكثير من التقارير الدولية، حول البغاء والدعارة وتجارة الذهب الأبيض، أن دولة إسلامية كالمغرب هي ثاني دولة على مستوى العالم في هذا المجال، والإمارات العربية في المرتبة السادسة، وما دفعني لكتابة هذه المقالة ،أن أحد الدعاة السعوديين ،المدعو عمر السويلم ، وفي إحدى دروس الوعظ التي يقدمها ،عن الحور العين في الجنة، والتي حسب ما يقول القرآن الكريم ،أنها إحدى المكافآت التي تقدم للمؤمنين في الجنة جزاء صبرهم واحتسابهم وكبحهم لشهواتهم الجنسية العارمة في الدنيا، فهذا الشيخ يصف هؤلاء الحور بلغة جنسية صادمة، وكأنه يتحدث عن فيلم أو عرض إباحي حيث يقول في وصف جمال الحوريات"فخوذ....نهود ... سيقان" وبعد ذلك يتحدث عن شعرها عندما يأتي على جسدها وأنها لا تحتاج الى كريمات ومرطبات، وما أن يدخل عليهن الرجل ،حتى يبدأن بالتفاقز فوقه، وينمن معه بعد ذلك بالدور!، ومن ثم يستمر بالحديث بالقول"عشر نساء من الحور العين يجئن إليك مسرعات ويلقين بك على ظهرك ... وتضع إحداهن فمها بفمك....والأخرى خدها بخدك...وأخرى تضع صدرها بصدرك...والباقيات ينتظرن الدور،وتقوم الحورية بتقديم كأس الخمر لك".
إن مثل هذه الفتاوى تكشف بشكل واضح عمق الأزمات الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات المتخلفة والسلفية، والتي تنتشر فيها الغيبية والسلفية على نطاق واسع، ومجتمعات يتحكم في جزء من مصيرها وقراراتها وقيادتها، مثل هؤلاء "المساطيل والمهابيل" لن تواكب لا التقدم ولا التطور الحضاري، ولا يتوقع لها أن يكون لها مكانة لائقة على الخارطة العالمية لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا العلوم والثقافة ولا القوة العسكرية ..الخ ، مهما امتلكت من ثروات وكدست من أموال، وما دامت فاقدة لقرارها السياسي وتعاني من خصي وعقم دائم عسكرياً، وترهن مصيرها وتطورها وتقدمها لمثل هؤلاء "المساطيل والمهابيل"، ، ولن تكون مبدعة إلا في التهام الطبيخ والمناسف، وكذلك التهام النساء ، فمن فتاوى هذا المسطول، الى فتاوى رئيس قسم الحديث في الأزهر بإرضاع الموظفة لزميلها الموظف ثلاث رضعات، وآخر يفتى بشرب بول النبي للتبرك، والكثيرين يفتون بتشريع البغاء بشكل غير منظم و ...الخ،وليت الأمور وقفاً على هذا الجانب، فهناك من هم موجودون في "تورا بورا"في أفغانستان، أصبحوا يوزعون الفتاوى بشكل شهري، فعدا أن أعمالهم جلبت الكثير من الدمار والمصائب للشعوب العربية والإسلامية، بسبب خلطهم بين الإرهاب والمقاومة والنضال المشروع، وبدلاً من أن يوجهوا نضالاهم ضد العدو الحقيقي للأمة العربية والإسلامية،جندتهم ووظفتهم أمريكيا في البداية، بما يخدم حربها وصراعها مع الاتحاد السوفياتي سابقاً، وأطلقت عليهم المحاربين من أجل الحرية، وعندما انتهى دورهم ووظيفتهم، جاء الدور عليهم،واتخذت أمريكيا من حادثة البرجين أيلول /2001 .ذريعة لشن حرب شاملة على كل دول وقوى المقاومة والتحرر،وبسببهم احتلت أفغانستان والعراق، وما يقومون به من أعمال إرهابية حيث القتل بدون تميز في أفغانستان والعراق وفي أكثر من دولة عربية وأوروبية، وجهت ضربة قاصمة لمشروعية نضال الشعوب المقهورة والمحتلة، والشعب الفلسطيني الذي لم يقدموا له شيئاً، أصبح عنوان رسائلهم الشهرية، بالتكفير والتخوين وغيرها، ومن يريد أن يناضل حقاً ويخدم قضايا الأمة في العراق وفلسطين وغيرها، يعرف العناوين جيداً، ونحن في فلسطين والعراق، لا نريد منكم سوى أن تبقوا بعيدين عنا، ولا نرديكم ولا نريد فتاويكم ونصائحكم، فنحن نعرف طريقنا جيداً، وفي سبيل تحررنا وانعتاقنا من الاحتلال، دفعنا وما زلنا ندفع ثمناً باهظاً .
والمسألة ليست قصراً على هؤلاء فهناك، المفتين لطوائفهم وأحزابهم وحكامهم، حيث نرى في العراق، تتبارى المراجع الدينية  في إصدار فتاوى التكفير والتخوين والتحليل والتحريم، وبما يهدد وحدة الشعب العراقي وتقسيم العراق الى دويلات طائفية وعرقية، وبحيث يصبح الانتماء للطائفة فوق الانتماء للوطن، ومع تنامي الدور الإيراني وتحول إيران الى قوة إقليمية في المنطقة، وما حققه حزب الله من انتصار استراتيجي وتاريخي على إسرائيل في عدوانها في لبنان تموز/2006 ، نشطت الكثير من القيادات الحاكمة في الأنظمة العربية الرسمية العاجزة والفاقدة لقرارها السياسي، لتوجيه وعاظها ورجالات إفتائها،الى إصدار الفتاوى التي تكفر الشيعة وتحذر من خطر سيطرتهم على العالم العربي والإسلامي، وفق ما ترسمه لهم القوى المعادية للأمتين العربية والإسلامية، ناهيك عن الذين يفتون بعدم جواز مخالفة أولي الأمر من الحكام والسلاطين، في إطار وسياق خدمة مصالحهم وأهدافهم، وحتى لو تعارض ذلك مع الشريعة السماوية ومصالح والوطن والأمة.
وفي الختام أقول أن أمة تقتل وتكفر علمائها ومفكريها وكتابها ومثقفيها،من أمثال طه حسين وحسين مروه وفرج فوده ومهدي العامل وصادق جلال العظم وحامد أبو زيد ونوال السعداوي والصادق المهدي وحسن نصر الله وغيرهم، وينشط فيها الكثير من الوعاظ والدعاة والمحرضين ورجال الإفتاء، الذين لا هم لهم سوى الحديث عن عورة ومحاسن المرأة ،والحور العين وفتاوى"التسطيل والهبل" والشعوذة والتكفير والتخوين وقتل المعارضين وسجنهم ونفيهم، وتعطيل الاجتهاد،وتأليه الحكام والسلاطين، لن تلحق بالركب الحضاري أبداً،وهي بحاجة الى ثورة اجتماعية شاملة تطال الكثير من المفاهيم والقيم والتقاليد والعادات التي أكل عليها الدهر وشرب.